اختيار جنس الوليد (PGD/PGS)

لنبدأ من الآخر، بالإمكان تحديد جنس الوليد قبل استيعاب الحمل. بالنسبة للعديد من الأشخاص، يعتبر اختيار جنس الوليد قضية مهمة جدًا عند انشاء عائلة. فيما لو كان الحديث عن أسباب صحية أو وراثية، كمرض ضمور العضلات (حثل العضلات)، هيموفيليا (نزف الدم الوراثي)، التليف الكيسي (سيستيك فيبروزيس) وغيرها. أو اذا ما كان الحديث عن ظروف شخصية، كأزواج لديهم أبناء من جنس معين ويرغبون بإنجاب طفل آخر من الجنس الآخر، أو أزواج في مرحلة جديدة من الزوجية ولديهم أبناء من زواج سابق من ذات الجنس ويرغبون بإنجاب ابن من الجنس الآخر.

 

يواجه معظم الأزواج الراغبين بابن أو بنت بالتحديد، العديد من المنشورات التي تشرح لهم أن ممارسة الجنس في مراحل مختلفة من الإباضة أو في وضعية معيّنة تؤثر على جنس الوليد. على سبيل المثال، أزواج راغبين بابن، يجب أن يمارسوا الجنس في زمن الإباضة بالتحديد لأن خلايا الحيوانات  المنوية الذكرية سريعة جدًا لكنها لا تصمد طويلًا. بالإضافة، نسمع عن الكثير من طرق الحمية والريجيم والحلول “السحرية”، ولكن واضح للجميع أن جميع هذه الحلول لا تؤثر بالفعل على جنس الوليد. حتى تقنية كعزل الحيوانات المنوية هي محط جدل علميًا واحتمالات نجاحها ضئيلة. 

لمزيد الأسى، يفشل عدد ليس بقليل من الأزواج في محاولتهم تحقيق الحلم بواسطة الطرق المذكورة أعلاه، وبذلك يتحوّل القرار السعيد والمهم بإنجاب طفل آخر الى العالم إلى تراجيديا شخصية لهم. يؤدي الشعور بالفشل لدى العديد من الأزواج لاتخاذ قرار معكوس وإنهاء الحمل، وبالتالي تعريض الزوجة لتجربة عاطفية تهزّ النفس من جهة، ومن جهة أخرى لاجراءات طبية مرفقة بتعقيدات معتبرة. لذلك، فإن المزيد والمزيد من الأزواج، يتوجهون الى عيادتنا اليوم بهدف اجراء تشخيص وراثي سابق للانغراس مباشرة مع اتخاذ القرار بشأن اختيار جنس الجنين.

 

بالتالي، كيف نقرر جنس الوليد؟ اختيار جنس الجنين متاح بواسطة استخدام تكنولوجيا الإخصاب في المختبر.يهدف العلاج إلى إخصاب البويضات من المُعالَجة بواسطة خلايا حيوانات منوية بالمختبر، فحص جينات الأجنّة الوراثية، وبعدها إرجاع الأجنة المرغوبة الى فضاء الرحم.يشمل العلاج المراحل التالية:علاج هورموني بهدف تحصيل عدد من البويضات، إلى جانب مراقبة مستوى هورموني أستروجن وبروغسترون في الدم وفحص بالأمواج فوق الصوتية (أولتراساوند) لقياس عدد وحجم الجُريبات في المبيض. بعدها، شفط البويضات بطريقة ميكروسكوبية بإرشاد أولتراساوند (أمواج فوق صوتية) وإخصاب البويضات بخلايا حيوانات منوية.في اليوم الثالث لتطوّر الجنين في المختبر، المرحلة التي يتشكل فيها الجنين من ثمانية خلايا (قسيمات أريمية)، نأخذ من الجنين خلية واحدة.تخدم الخلية المستخرجة لإجراء التشخيص الوراثي، ويتم ارجاع الجنين بعد الاجراء الى الحاضنة بهدف استمرار التطور حتى اليوم الخامس (التبرعم - الأريمة).

 

تشريح جنيني في اليوم الثالث

 

 

خلية جنينية صحية تحوي 46 كروموزم، يشمل كروموزومي تحديد الجنس XX في جنين من جنس أنثى و XY في جنين من جنس ذكر.فيي المختبر الوراثي نُجري تحليلًا جينيًا، بتقنية التهجين الموضعي المتألق (Fluorescent in situ hybridization) التي تسمح بنا يتحديد موضع جديل (خصلة) الحمض النووي المحدد (أنثى أو ذكر) على الكروموزوم بواسطة تهجين جديل ملائم للحمض النووي (DNA).بالمرحلة التالية، يتم وسم جديل (خصلة) الحمض النووي الملائم واسم أو مؤشر فلوّري (مستشع) يتيح التحقق من جنس الجنين بواسطة ميكروسكوب فلوّري.

 

التحقق من جنس الجنين بواسطة ميكروسكوب فلوّري

 

                جنين من جنس ذكر                  جنين من جنس أنثى

 

                                   

 

الغاية الأصلية من تقنية التشخيص الوراثي السابق للانغراس هو منع ولادة وليد يحمل أمراض وراثية، ولا تزال هذه الغاية الأساسية. التقنية مخصصة بالأساس لأزواج يحملون أمراض وراثية والذين تم العثور عليهم بواسطة فحوصات مسح جينية وراثية أو بعد ولادة مولود مريض في العائلة.

 

جدير بالذكر أن اختيار جنس الجنين لا يضمن استيعاب الحمل بالفعل أو نجاحه، ولكن في حال تم استيعابه، سيكون الجنين من الجنس المرغوب. إذًا، كيف نزيد من احتمالات استيعاب الحمل؟ 

بما أن معظم الازواج المتوجهين للعلاج في عيادتنا هم أزواج أصحاء دون تاريخ طبي من العقم والعلاجات السابقة، فإن احتمالات نجاحها عالية. بالطبع أننا نوصي بالقدوم لاستشارة وعلاج بسن صغير قدر الامكان حينما يكون الاحتياط المبيضي وجودة البويضات عاليين. كما وأننا نوصي أيضًا بالامتناع من أي أذى محتمل لفضاء الرحم (على سبيل المثال كوقف الحمل عن قصد). بالإضافة، من المهم أن نذكر أنه بالامكان ارجاع أجنة من الجنس المطلوب الى الرحم، بعد فحصهم لتحديد اضطرابات كروموزمية شائعة (على سبيل المثال متلازمة داون) وبذلك تقليص احتمال الاجهاض بشكل معتبر. الأجنة التي نُرجعها الى الرحم تكون بعمر خمسة أيام، ولذلك هناك احتمالات أكبر بكثير لتحقق الحمل. في النهاية، بالإمكان تحسين احتمالات تحقق الحمل أكثر بكثير عبر إرجاع أكثر من جنين واحد.